يحتل إبداع أدباؤنا الشباب مكانه الحقيقي لدى المتلقي رغم عدم خدمتهم له ..ولقد استطاعوا أن يلفتوا أنظارنا الى إبداعهم المتميز فيما هم يشقون طريقهم نحو النجومية بثقة واقتدار ..إنما يعيبهم شيء واحد فقط .. إنه (الخوف ) وسببه الرئيس هي تلك الصورة التي رسموها للمبدع في أذهانهم .. لقد بالغوا بإفراط في تخيلها حتى أصبح من العسير عليهم وصولها ومن ثم تجاوزها !! لربما كان الأمر كذلك بل أنني لم أجد تفسيرا آخر أتشبث به ..ليدي أوسكار صوت لفت انتباه الجميع من خلال (مملكة ليدي) ..وكنت أتابعها باستمرار..دون أن أعلق ...فقد كانت تتلقى سيلا جارفا من الثناء.. بل أن بعضهم لم يكن يستطع فك رموز اللفظ فضلا عن الغوص الى ما أودعته الكاتبة في تلك النصوص من معان مؤثرة ..تجربتها الشعرية قليلة جدا ..وأقصد المنشور فقط ..فقد قرأت لها نصا نثريا رائعا نشرته هنا أيضا..ولعلها تحتفظ بالعديد من النصوص .. ومن خلال متابعتى لهذه الكاتبة ..أستطيع أن أصفها بأنها تمتلك حسا فنيا راقيا..تترجمه الى لوحات تشكيلية جميلة ..تضج بالألوان والمتباينة .. حتى نلمس فيها بجلاء النقاط الفاصلة بين الضوء والظل .. بتمكن الفنان المرهف تجاه ما يحيط عالمه الواسع..وإذا ما ولجنا الى (قارئة الفنجان) استوقفنا العنوان بادئ ذي بدئ ..إنه عنوان رائعة الشاعر العربي الراحل نزار قباني.. وهذا تناص لفظي مطابق تماما ..أحالنا الى مدلول عالق في الذهن ..يتمحور حوله ثلاثة عمالقة في عالمنا ليس من السهل تكررهم في المدى المنظور ..ولله في خلقه شؤون..قارئة الفنجان ..ينقلنا (إحالة ) الى..شاعر عملاق فذ هو نزار ثم للموسيقي العملاق محمد الموجي.. ثم للمطرب الفذ عبد الحليم حافظ رحمهم الله جميعا .. هذا عن التأثير المبدئي للعنوان ..وأقف معكم لنتذكر الجيوكيندا ..ل دافينشي .. كم هم الفنانون الذين أعادوا تشكيلها وفق رؤيتهم ليسوا فقط من الهواة بل من غرر التشكيلين في العالم ..وسبب ذلك كله هو ما حققته رائعة دافنشي من شهرة عالمية ..تستوقف كل من له ذائقة فنية ..فوظفوها كإحالة للتعبير عن ابداعهم ..وعلى هذا النحو يكون التناص بالمفهوم القريب إما بالقصد المسبق كما هوهنا ..أوبصورة عفوية كما نجده في كثير من النصوص التي تمربنا بين الحين ولآخر هو فيما يعرف بالتوارد في النقد الكلاسيكي..الكاتبة ليدي أوسكار تتوفر على مخزون ثقافي واسع يتضح هنا بجلاء من خلال توظيفها للتناص في أبهى صوره ...إنها تعيد تشكيل ذات الرائعة ولكن بطريقتها هي ..تبدو وكأنها تفاصيل اللوحة الشعرية النزارية بدءا ب (جلست .....الخ الخ ) ثم تفعيلتها والحوار اللفظي ..ولكن لقد أتت على إعادة بنائها لتبرز من خلالالصياغة الجديدة صورة ليت ملامحها كتلك التي تستقر في ذاكرتنا ....هذه المقالة القصيرة أردت منها إلقاء الضوء على التناص في ذلك النص الذي استوقفني ولعلي سأعود لاحقا ..بهدف استعراض اللوحة ولقراءة فوارق الرؤية والمعالجة والإتقان في توزيع المساحات اللونية للنص
0 التعليقات:
إرسال تعليق