نصوصها الشعرية متاحة للقراءة بالأبعاد الثلاثية المشغولة بزخارف من الذهب وهي تلج إلى أعماق الروح وتستقر في أقاصي الوجدان أغاريد دفءٍ وشجىً ينساب نغما من حياة ترتدي قوس قزح الخلاب.. وإذا كانت نصوصها غير عصية على الغوص والتناول، فإن أصايل نجد تبقى ـ عندي ـ هي النص الأكثر بياضا ورونقا وجلالا.. ثم غموضا في ذات الوقت..ولربما كانت صياغتها الوجدانية التي اصطبغت تماما بلون المرحلة القادمة منها كان لها تأثيرها الملح في هذا الصدد..إلا أنها وبرغم ذلك استطاعت أن تمنح نفسها الحياة والخلود وفق الهامش المتاح أمامها لتستهلكه كاملا غير منقوص، فتعبر إلينا ترانيم سخية بالجمال من خلال الحناجر الندية لمشاهير الغناء في الخليج والوطن العربي.
مفتاح شخصيتها الحب فهي عاشقة للحياة حد الغوص في قطرة ندى مستلقية على جبين زهرة برية نسيها الفضول..إنها المستغرقة في أريجٍ مهاجرٍ لوردة شجاعة أبت إلا أن تنشر عبيرها معلنة عن وجودها ـ المبلل بالعطر ـ تحت أديم السماء..وهي ذاتها التي تفضل أن تستمع بقلبها لصوت المطر وهو يرتمي على أحضان الثري معانقا تجاعيد العطش بلهفة المحب..هي ذاتها التي تتقاسم لحظات اللهو والمرح وهي تلاحق ابنتها سمر متدثرة فقاقيع الصابون ومن بين ثنياه تخرج لسانها ببراءة لتسخر من عدسة أمها الطفلة البريئة أيضا.
وبالمقدار الضئيل الذي يتيحه لنا الإبحار بعمق في صفحتها الشخصية على الفيس بوك ..نخلص إلى أنها سيدة متزوجة ..
ماتزال شابة دون الخامسة والثلاثين من عمرها المديد بإذن الله، وأم لطفلة واحدة هي سمر ..حاصلة على شهادة البكلريوس من كلية الآداب جامعة الملك سعود..عاشقة للخيل حد الشغف وتقتني منها ما يروي الظمأ ويكسر حد التوق لامتلاك هذا المعقود بناصيته الخير إلى يوم الدين.
تتسم شخصيتها بالقوة والصلابة والثقة.. فلا تستسلم بسهولة أوتتنازل عن مبدأ آمنت به وأخلصت له..وربما بدت لذي القراءة العابرة لشخصيتها وكأنها متحفزة يدفعها الخوف والحذر من محيطها وبخاصة عندما تقرأهم كما تريد هي؛ لا كما يرغبون هم..ولعل هذه تكاد تشكل نقطة ضعف ماّ.. إلا أننا عندما نلح في الاقتراب ندرك كم كان للثقافة المحيطة بالمرأة في مجتمعنا الذكوري تأثيرها القوي كردة فعل منطقية، نعذرها بمبالغة وإفراط ؛ عندما نعلم بأنها تصدر في تفاعلها عن حب يشبه الصبح نقاءً، وربما أسيء استيعابه وفهمه كما ينبغي.
وعلى هذا النحو من سمات التميز والنبوغ برزت هذه الشاعرة الفذة فاحتازت الرهان وأثبتت للجميع أهليتها للتحدي الذي كسبته بكل جدارة واستحقاق..وبما أن الشاعرة أصايل نجد قد باتت الآن عنصرا من النسيج الثقافي والوعي المعرفي لهذه الأمة؛ فسأدلق هنا تساؤلا ساذجا يقول : هل كان سيطلُّ علينا صوتٌ بهذا القدر من العذوبة والطلاوة، لو لم تقف خلفه فتاة صلبة وعنيدة هي أصايل ذاتها؟.ولأجل هذا اعتبرها إحدى العلامات الواضحة في انطلاقة المرأة السعودية نحو الاسهام الحقيقي في إثراء الأدب والثقافة، وفق عطاء صادق ومؤثر؛ لم يلتفت إلى الجانب المظلم من ثقافة التلقي ـ حينها ـ لإبداع المرأة ، في عالم يتسيده المداد الذكوري، مما جعل نتاجها محكوما بالتفتيش والتلصص الغير نزيه في أغلب الأحوال، وكأن مشاعر المرأة وبوحها بما يعتمر في وجدانها أمر غير مقبول بل وينطوي على حساسية شديدة..مما أفرز جيلا من المبدعات المقنعات والتاريخ سيعتبر ذلك
إجحافا في جنب المرأة بأي حال.
وكانت أحرفها الأولى تقتحم الضوء في مستهل التسعينات، أي قبل عقدين من الزمان على وجه التقريب، وذلك عبر نص فصيح لعله كان بعنوان ملفات القمر أتبعته بتجارب من اللهجة الدارجة وبها انطلقت تشدو وتترنم.
وقبل أن نحلق سويا في عالمها الرحب أراه من المستحسن أن أشير إلى مقدمتين مهمتين :
الأولى : لغوية صرفة، سبق أن أشرت إليها في مناسبات مختلفة، وأعيد هنا الإلماح إليها بإيجاز شديد لما لها من وثيق الصلة بما نحن في صدده.
قلت: تنقسم اللغة إلى قسمين : مدونة (مكتوبة) و( قولية) محكية، وقد اهتم العرب باللغة المدونة وأولوها كل اهتمامهم، وسجلوا صدودا وتجاهلا كبيرا للغة القولية متعلقين بأسباب وذرائع واهية كان من نتائجها اطراح جزء كبير من القاموس العربي فلم يحظ بعناية الدارسين في جوانب كثر؛ من أهمها الأداء الصوتي الذي من شأنه حل الكثير من ألغاز اللغة فيما يتعلق بالنص القرآني ( الكتاب المبين)، وعلى هذا فأنا أعرض في هذه الحلقات لنتاج أدبي ينتمي إلى اللغة القولية.
الثانية: هناك تواطؤ درج على تسمية نوع من الأدب القولي بالشعر الغنائي، وهي تسمية خاطئة جدا إذ لا يوجد شعر غنائي وآخر غير عنائي ..فالشعر كله في الأصل غناء وترنم..إلا أنه يتفاوت في الجودة والإتقان، وهو المحك الحقيقي الذي يرتقي به إلى الغناء..أو يهبط به إلى نبذه من الإنشاد والتطريب..وبهذا فلا يصح أن نقول فلان شاعر غنائي وآخر غير غنائي ..ولا يمكننا القول بأن أحمد شوقي شاعر غنائي كون أم كلثوم غنت له قصائد معينة وعلى ذلك قس.
وانطلاقا من هاتين المقدمتين سيكون تناولي لنصوص الشاعرة الرقيقة العذبة ( أصايل نجد ).
مفتاح شخصيتها الحب فهي عاشقة للحياة حد الغوص في قطرة ندى مستلقية على جبين زهرة برية نسيها الفضول..إنها المستغرقة في أريجٍ مهاجرٍ لوردة شجاعة أبت إلا أن تنشر عبيرها معلنة عن وجودها ـ المبلل بالعطر ـ تحت أديم السماء..وهي ذاتها التي تفضل أن تستمع بقلبها لصوت المطر وهو يرتمي على أحضان الثري معانقا تجاعيد العطش بلهفة المحب..هي ذاتها التي تتقاسم لحظات اللهو والمرح وهي تلاحق ابنتها سمر متدثرة فقاقيع الصابون ومن بين ثنياه تخرج لسانها ببراءة لتسخر من عدسة أمها الطفلة البريئة أيضا.
وبالمقدار الضئيل الذي يتيحه لنا الإبحار بعمق في صفحتها الشخصية على الفيس بوك ..نخلص إلى أنها سيدة متزوجة ..
ماتزال شابة دون الخامسة والثلاثين من عمرها المديد بإذن الله، وأم لطفلة واحدة هي سمر ..حاصلة على شهادة البكلريوس من كلية الآداب جامعة الملك سعود..عاشقة للخيل حد الشغف وتقتني منها ما يروي الظمأ ويكسر حد التوق لامتلاك هذا المعقود بناصيته الخير إلى يوم الدين.
تتسم شخصيتها بالقوة والصلابة والثقة.. فلا تستسلم بسهولة أوتتنازل عن مبدأ آمنت به وأخلصت له..وربما بدت لذي القراءة العابرة لشخصيتها وكأنها متحفزة يدفعها الخوف والحذر من محيطها وبخاصة عندما تقرأهم كما تريد هي؛ لا كما يرغبون هم..ولعل هذه تكاد تشكل نقطة ضعف ماّ.. إلا أننا عندما نلح في الاقتراب ندرك كم كان للثقافة المحيطة بالمرأة في مجتمعنا الذكوري تأثيرها القوي كردة فعل منطقية، نعذرها بمبالغة وإفراط ؛ عندما نعلم بأنها تصدر في تفاعلها عن حب يشبه الصبح نقاءً، وربما أسيء استيعابه وفهمه كما ينبغي.
وعلى هذا النحو من سمات التميز والنبوغ برزت هذه الشاعرة الفذة فاحتازت الرهان وأثبتت للجميع أهليتها للتحدي الذي كسبته بكل جدارة واستحقاق..وبما أن الشاعرة أصايل نجد قد باتت الآن عنصرا من النسيج الثقافي والوعي المعرفي لهذه الأمة؛ فسأدلق هنا تساؤلا ساذجا يقول : هل كان سيطلُّ علينا صوتٌ بهذا القدر من العذوبة والطلاوة، لو لم تقف خلفه فتاة صلبة وعنيدة هي أصايل ذاتها؟.ولأجل هذا اعتبرها إحدى العلامات الواضحة في انطلاقة المرأة السعودية نحو الاسهام الحقيقي في إثراء الأدب والثقافة، وفق عطاء صادق ومؤثر؛ لم يلتفت إلى الجانب المظلم من ثقافة التلقي ـ حينها ـ لإبداع المرأة ، في عالم يتسيده المداد الذكوري، مما جعل نتاجها محكوما بالتفتيش والتلصص الغير نزيه في أغلب الأحوال، وكأن مشاعر المرأة وبوحها بما يعتمر في وجدانها أمر غير مقبول بل وينطوي على حساسية شديدة..مما أفرز جيلا من المبدعات المقنعات والتاريخ سيعتبر ذلك
إجحافا في جنب المرأة بأي حال.
وكانت أحرفها الأولى تقتحم الضوء في مستهل التسعينات، أي قبل عقدين من الزمان على وجه التقريب، وذلك عبر نص فصيح لعله كان بعنوان ملفات القمر أتبعته بتجارب من اللهجة الدارجة وبها انطلقت تشدو وتترنم.
وقبل أن نحلق سويا في عالمها الرحب أراه من المستحسن أن أشير إلى مقدمتين مهمتين :
الأولى : لغوية صرفة، سبق أن أشرت إليها في مناسبات مختلفة، وأعيد هنا الإلماح إليها بإيجاز شديد لما لها من وثيق الصلة بما نحن في صدده.
قلت: تنقسم اللغة إلى قسمين : مدونة (مكتوبة) و( قولية) محكية، وقد اهتم العرب باللغة المدونة وأولوها كل اهتمامهم، وسجلوا صدودا وتجاهلا كبيرا للغة القولية متعلقين بأسباب وذرائع واهية كان من نتائجها اطراح جزء كبير من القاموس العربي فلم يحظ بعناية الدارسين في جوانب كثر؛ من أهمها الأداء الصوتي الذي من شأنه حل الكثير من ألغاز اللغة فيما يتعلق بالنص القرآني ( الكتاب المبين)، وعلى هذا فأنا أعرض في هذه الحلقات لنتاج أدبي ينتمي إلى اللغة القولية.
الثانية: هناك تواطؤ درج على تسمية نوع من الأدب القولي بالشعر الغنائي، وهي تسمية خاطئة جدا إذ لا يوجد شعر غنائي وآخر غير عنائي ..فالشعر كله في الأصل غناء وترنم..إلا أنه يتفاوت في الجودة والإتقان، وهو المحك الحقيقي الذي يرتقي به إلى الغناء..أو يهبط به إلى نبذه من الإنشاد والتطريب..وبهذا فلا يصح أن نقول فلان شاعر غنائي وآخر غير غنائي ..ولا يمكننا القول بأن أحمد شوقي شاعر غنائي كون أم كلثوم غنت له قصائد معينة وعلى ذلك قس.
وانطلاقا من هاتين المقدمتين سيكون تناولي لنصوص الشاعرة الرقيقة العذبة ( أصايل نجد ).
*
0 التعليقات:
إرسال تعليق