إن تبادل الاتهامات بالتجسس المزدوج بين الشقيقتين عمان والإمارات، ليس جديدا ولا مفاجئا، فقد بدأت هذه المفردة تظهر في قاموس البلدين منذ 2008م، حينما تم تسريح الجنود العمانيين من المؤسسة الأمنية الإماراتية، بحجة اكتشاف خلية تجسسية تضم أفرادا من الجنسية العمانية!.
وسواء صحت المزاعم أم لم تصح، فإن أيا من حكومتي البلدين لم يناقش هذه الاتهامات بصفة رسمية، وظل الفضاء الإلكتروني هو المسرح المواتي لتفاعل الجماهير المفجوعة في الجانبين، رغم تعيين المتهم في قضية التجسس على سلطنة عمان، وتبرئة ما عداه تحت سماء دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن ذلك جاء بنتيجة عكسية نظرا لتطور المفاهيم لدى غالبية الشعوب الخليجية، وعلى غير المتوقع أوشك أن يكون مسمارا في نعش الأخوة التي تربط بين الشعبين، لا الحكومتين!. وهو ما لم يكن مقصودا من هذه التسريبات التي أرادت أن تبقي الأمة الإماراتية خارج دائرة الحنق الشعبي، الذي يعلو صخبه في الشارع العماني تجاه هذه القضية التجسسية. في الوقت الذي تبدو فيه العلاقات الرسمية بين البلدين ماضية على وتيرتها المعهودة دون تغيير أو تبديل.
إن هذا الاستهجان العماني يظل مرتديا إهاب الصوت الشعبي، متحدثا بنبرة الشارع، منساقا خلف ركام ثقافي يؤطر كلمة ( التجسس)، انطلاقا من جذرها اللغوي ( جسّ) و (جسس) ومرورا بأوزانها الصرفية المتعددة..هذا الانجراف من قبل الدهماء؛ يدركه الساسة جيدا، ويعلمون مداه الصوتي، وتأثيره على طبلة الأذن، أولئك الساسة الذين يحملون ثقافة أخرى لذات المفردة، وتفاعلا مغايرا، لا يلتقي مع ما تأسس في وجداننا إلا في الجانب الرياضي وحسب.
إن المجتمعين الشقيقين الإماراتي والعماني بما يميزهما من الطيب،والتسامح، والسلام، لن يستفزهما ما ظهر من وجه السياسة المكفهر، ولن يحدث ذلك شرخا في أخوتهما، أو ينال من وشائج القربى وعرى الدين والدم والمصير التى تربطهما منذ الأزل.. مهما ابتكرت السياسة من نعوت وهويات ورسمت من حدود وفواصل، ولن يزيدهما ماسقط من قناع السياسة إلا إيمانا راسخا بأن الشعوب تبقى محاور للتاريخ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق