(1)إلى العاصمة!
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة والنصف ظهرا في مطار جيزان حيث بدأنا في لملمة أمتعتنا استعدادا للدخول إلى صالة المغادرة ، كان يتقدمني الزميل سامي الذي رن هاتفه حينما وقف عند موظف الأمن فتجاهل الإتصال مكملا إجراءات التفتيش.. جمعنا أدواتنا من فوق المنضدة وغادرنا الى الطائرة..تأكدنا أن هواتفنا مقفلة عندها التفت إلي سامي قائلا: _يبدو أن الزملاء في الرياض ينتظرون قدومنا فالمكالمة التي لم أرد عليها كانت من زميلنا جاهين..أخرجت من جيبي صورة من خطاب التكليف لأتعرف على اسماء بقية الزملاء الذين سينضمون إلينا لاحقا وهم أسعد، وشاهيناز، وجاهين..لابد أنهم كانوا على اتصال ب علي وسامي.. لكن أحدا منهم لم يتصل بي... قلت في نفسي لابأس فهذا تكتيك قد بلي ولم يعد مجديا كما كان أيام زمان..فقد كان بمجرد أن يتم توزيع التكليف حتى تنهال الإتصالات على رئيس الوفد الإعلامي من كافة أفراد الفريق وكل يستفسر عن شأن من الشؤون..ويبدي ابتهاجه لحسن الإختيار ومنهم من يقول :لقد كنت أدعو الله طوال الليل أن يقع عليك الإختيار.. فاستجاب الله دعائي ويختم قائلا: سبحان الله!! ومع ذلك فهو كاذب في كل هذه المزاعم!! لكني تذكرت في الحال أن الأخ علي قد تلقى اتصالا ونحن في استراحة المطار وكان ينصت الى المتحدث ثم رمقني ونهض مبتعدا.. قلت في نفسي: لعله يتحدث إلى زوجته؟ ولم اتبين مما قاله سوى جملة :(صرامة تغث البدن)!! فضحكت لهذه التداعيات!.. فيما كان سامي يسألني :-وين سرحت؟ المضيفة لها ساعة تسألك عن العصير الذي تفضله؟..-أي شيئ بدون سكر..!!فناولتني كوبا من الماء البارد... شكرتها ثم عاودت الإنكفاء من جديد..قاطعه صوت النداء بربط الأحزمة استعدادا للهبوط في مطار الرياض..كان جاهين في انتظارنا حيث اصطحبنا الى الحافلة الخاصة بالفريق أمام صالة القادمين قلت له ممازحا وأنا أصافحه: أما زال عند جهينة الخبر اليقين..؟!! وأكتفى بالإبتسام..! كان يقف إلى جواره شابٌ أنيقٌ فصافحته فابتدرني:-الحمد لله على السلامة..!-الله يسلمك..وأردفت متسائلا:زميلنا أسعد ؟ -لا... بل أنا صويلح سائق الحافلة رهن إشارتك يا أستاذ..صعدنا الى الحافلة التي لم يعد واضحا لونها الأصلي لكثرة الملصقات الدعائية لأبرز الأنشطة التي ستقام على هامش المؤتمر..
(2)البالون العملاق!
أثناء الطريق إلى الفندق سألت جاهين عن المطبوعات التي طلبنا توفيرها قبل أيام فأجاب:-نعم ياأستاذ.. قمت بإحضار نسخة من(البروشورات) والملصقات والمطبوعات وما يتعلق بهذه المناسبة..ولايزال مع الأخت شاهيناز بعضا منها..(قاطعته) -إلا ذكرتني.. وين الأخت شاهيناز؟ أقصد كيف نستطيع التنسيق معها؟-إنها بالفندق تنتظرنا هناك..لقد وصلت إلى الرياض مساء الأمس..-جيد.. وهل قلت لي إن أسعد ينتظرنا هناك أيضا؟ - موعد وصوله عند الثالثة عصرا..(نظر إلى ساعته)وأردف: بعد ساعتين تقريبا وهو معنا إن شاء الله..-إن شاء الله..لقد كنا نشاهد في طريقنا إلى الفندق بعض اللوحات الدعائية لهذه المناسبة غير أن البالون العملاق الذي نستطيع مشاهدته عن بعد في سماء العاصمة كان غاية في الروعة والجمال.. لا أدري -إلى هذه اللحظة- ما السبب وراء سقوط تلك الدمعة البلهاء عند مشاهدتي للبالون !!؟؟ دمعة لم يكن لها أي مبررات مقنعة من الحزن! أو الفرح!..ولعل جاهينا وعليا قد لاحظا هذه الدهشة التي تملكنتي عندما رأيته في الأفق.! قال لي جاهين:- إنه بالفعل مدهش..يا أستاذ..وهذا إصدارمخصص للتعريف به.. (قالها وهو يناولني كتيبا ازدان غلافة الصقيل اللامع بصورة البالون..) تأملت الغلاف أنه 200 غرام مكسي بالنايلون.. قمة الطباعة الملونة..يحتوي على صفحات ثمان داخلية باللغتين العربية والإنكليزية..فكرة تصميم البالون كانت مذهلة وأثارت في نفسي استفهامات عدة!! التصميم والتنفيذ لشركة (the creative ) الأنجليزية وتتلخص الفكرة في التقاط مجموعة من الصور لقمة العبسية من جميع الجهات بواسطة الطائرة العمودية يتم جمعها وطباعتها حول محيط البالون..وتحتل مساحة الثلثين بحيث يشكل الثلث الأعلى للبالون زرقة السماء فوق قمة العبسية أما ذلك الحزام الأبيض الذي يحيط وسط البالون بشكل أفقي فقد كتب عليه بالخط الديواني جبال فيفاء.. يتكرر بلونه الأخضر على كامل محيط البالون العملاق..وباختصار شديد عندما تنظر إليه فكأنك تشاهد (العبسية)أعلى قمة في جبال فيفاء وقد علقت بين السماء والأرض في أشهر الميادين العامة في عاصمتنا الحبيبة الرياض..
(3)اجتماع طاقم البعثة!!
اعتدت إقفال هاتفي عندما أخلد للنوم مما استدعى إيقاظي بالنقر على باب غرفتي... ثم الخبط في آخر المطاف!! لأنهض مذعورا!! .. فتحت الباب وعدت أبحث عن نظارتي.. وصوت من الخارج يقول:- الشباب ينتظرونك في القاعة أسفل..من بعد صلاة العصر..- طيب..طيب..قل لهم جاي حالا!!.نظرت إلى الساعة..؟ ياإلهي إنها السابعة!! فتحت الهاتف وبدأت أرتدي ملابسي فيما أخذت رسائل (موجود) تنهمر عليه بتتابع ممل..حملت أجهزتي واتجهت للقاعة حيث كان أفراد البعثة في الإنتظار.. كان الضيق الشديد الذي انتابي يبدو واضحا..تبادلنا العبارات المستهلكة والسؤال عن الصحة في حين (نظرت إلى ساعتي) أكثر من مرة..خلال هذه المجاملة السريعة.. قال علي : -لقد قمت بأرسال محضر الإجتماع قبل ساعة.. حسب تعليماتك.. فلا تقلق بهذا الشأن..- أحسنت بارك ألله فيك.. بدأت أشعر بقليل من الإرتياح.. لكني تذكرت أن (الكود) الخاص بمحاضر الإجتماعات تسلمته بسرية تامة من قسم الإتصالات الإدارية.. ولم أطلع عليه أيا من أفراد الفريق..(قلت في نفسي : ما فات.. فات!! ولاتعدو نتيجته لفت نظر في الساعات الأولى لبدئ المهمة)!! ثم قلت:- لا شك أنني محظوظ جدا حينما ضم فريقي هذه الأسماء المميزة..بمهارتها الحرفية العالية وأقدامها الراسخة في مجال الصحافة المقروءة.. إنكم أدرى بالمهام التي تنتظرنا بدءا من هذه الساعة.. ولست مضطرا لتذكيركم بالمسؤولية المضاعفة التي نحملها جميعا.. إننا تحت المجهر فجميع الأنظار تتجهه نحونا بوصفنا أهل الدار وكل إنتاجنا الصحفي على مدار الساعة سيكون المصدر الأكثر متابعة بين المنتديات الأخرى إننا المنتدى المضيف فالنجعل من تغطيتنا نجاحا آخر..
(4)مناقشه واحتجاج!
- لا شك أنني محظوظ جدا حينما ضم فريقي هذه الأسماء المميزة..بمهارتها الحرفية العالية وأقدامها الراسخة في مجال الصحافة المقروءة.. إنكم أدرى بالمهام التي تنتظرنا بدءا من هذه الساعة.. ولست مضطرا لتذكيركم بالمسؤولية المضاعفة التي نحملها جميعا.. إننا تحت المجهر فجميع الأنظار تتجهه نحونا بوصفنا أهل الدار وكل إنتاجنا الصحفي على مدار الساعة سيكون المصدر الأكثر متابعة بين المنتديات الأخرى إننا المنتدى المضيف فالنجعل من تغطيتنا نجاحا آخر.. كلنا يلمس الجهود الجبارة التي تبذلها هذه المؤسسة على مختلف الأصعدة سعيا لتحقيق رسالتها السامية وهي تأمل منا إبراز ذلك بصورة مثالية بعيدة عن التصنع والفبركة .. والآن أرجو أن نناقش خطة التغطية وتوزيع المهام ..الزميل علي رامح ستقوم بتغطية الإجتماع التحضيري الذي سيبدأ التاسعة صباحا وسيكون بصحبتك الأخ أسعد للتصوير..وهو الحدث الوحيد خلال يوم غد مما يتيح أمامنا فرصة إجراء تقارير واستطلاعات ميدانية شاملة.. نرصد من خلالها الإستعدادات الجارية.. ونلقي مزيدا من الأضواء على المشاريع التي سيتم افتتاحها..والبرامج المستحدثة التي ستدشن خلال الأيام القادمة..وستجدون على إيميلاتكم قائمة بمهام العمل ليوم الغد أتمنى لكم التوفيق..فاستأذنت الزميلة ( شاهيناز) في إبداء وجهة نظرها حول التغطية فقالت: أستاذنا الفاضل سأعترف بأنني لا أحسن الإعتراض ولا أجيد عبارات الإحتجاج والرفض فقد تعلمت ذلك منذ نعومة أظفاري..غير أن توزيعك للمهام قد جانبه التوفيق مقارنة بجداول الزميلين علي.. و سامي..هذا من حيث الكم.. أما من حيث الكيف فقد حبستني داخل الأقسام النسائية وأنت تعلم أن في ذلك تقييدا لطموحي الصحفي..إنها فرصة بالنسبة لي أن أجري حوارات مع بعض الأسماء اللامعة كالبرفسور محمود الجلاد.. والدكتور مجدي مصطفى..أرجو أن لا يفهمني الزميل سامي خطأ فأنا أعتز بزمالته ومعرفته وأحترم خبرته الطويلة وتفوقه في اللقاءات والحوارات الصحفية.. لكني أرغب أن تتاح لي الفرصة وأمنح الثقة التامة من قبلك بالذات وأعدك أنني سأنجح بإذن الله..
ابتدرت الحديث قائلا:لابأس يابنتي.. فلعلي لم أضع مسألة الطموح والتطلعات في الحسبان أثناء عملية توزيع المهام التي تمت على أساس الإرشيف الصحفي السابق لكل منكم..ولم أغفل كونك تتقنين ثلاث لغات أخرى وهوما يميزك عن الجميع ولذلك عهدت اليك ضمن مهامك إجراء لقاء مع مندوبة الهيئة الدولية(n.e.c.d )للتحقق من الإنتشار الإلكتروني وهي إيطالية..لكني أعدك بتلبية رغبتك لاحقا..هل هناك من استفسارات أخرى؟ أوتذمرات.. قلتها مبتسما (فضحك الجميع).. وأردفت: إذن كل شيئ على مايرام..نهض الجميع باتجاه قاعة الطعام لتناول وجبة العشاء.. بقيت جالسا في مقعدي حول طاولة الإجتماع ثم ناديت عليا حينما هم بالخروج..- آمر ياأستاذ!! أي خدمة؟.-تعال واجلس... أود التحدث إليك..وأشرت إلى المقعد الأقرب فجلس.. قلت له:-هل أنت جاد عندما قلت بأنك أرسلت محضر الإجتماع قبل السادسة مساء؟!-بكل تأكيد!! فعندما عجزنا عن إيقاظك في الوقت المناسب قمت بعمل الواجب.. أقصد ماكان يتوجب عليك القيام به..!!.(سكت لبرهة وكأنه يحاول أن يتذكر شيئا ما..ثم التفت إلي واستأنف قائلا):-أرجو أن لا تفسر ما قمت به أنه من باب التدخل في صميم إختصاصك.. وعموما أرسلت لك نسخة في حينه على بريدك موقعة بالإستلام من قسم المتابعة..-لقد لاحظت ذلك قبل نهاية الإجتماع وتأكدت فعلا مما قلته..وحمدت مبادرتك التى أبعدت عني شبح الإنذار في الثواني الأولى من بداية الشوط الأول !!.. لكن ليس لإجل ذلك طلبت منك الجلوس.. وإنما أود أن تخبرني صراحة كيف استطعت الدخول إلى الصفحة الخاصة بمحاضر الإجتماع؟ مع أن الكود الخاص بهذه الصفحة لا يعطى لغيرالمسؤولين ولم أطلعك عليه؟!
أود أن تخبرني صراحة كيف استطعت الدخول إلى الصفحة الخاصة بمحاضر الإجتماع؟ مع أن الكود الخاص بهذه الصفحة لا يعط لغيرالمسؤولين ولم أطلعك عليه؟!(ضحك بصوت مرتفع) ثم قال:- الله يهديك يا أستاذ ..!!كنت أتوقع شيئا آخر.. لقد قلت لك حينها : إنني قمت بذلك حسب تعليماتك.. هل نسيت ما حدثتني به ونحن في مطار جيزان ؟؟ لقد قلت بالحرف الواحد: إن نجاحنا في هذه الهمة مرهون بانصهارنا في كتلة واحدة تسعى لتحقيق مطلب واحد هوالنجاح ..بعيدا عن المنافسة الفردية التي من شأنها أن تعقد الأمور.. ولو أن الزميلة شاهيناز سمعت ماقلته لي.. لما أبدت تذمرها الذي سمعناه قبل لحظات.. عموما يا أستاذي تأكد أنك لولم تكن قد عهدت إلي حينها بمهام النيابة وسلمتني نسخة من الشيفرات السرية لما استعت أن تنام عميقا هذا المساء.و... (قاطعته)- أنا لا أشك في صدق حديثك ومازلت أذكر ماقلته لك بالتفصيل.. عدى مسألة الشيفرات.. ولكن أرجو أن يبقى الموضوع بيني وبينك يا أخ علي..وتأكد أن النجاح الذي تحققه أنت أو أي زميل آخر على نحو فردي ، هو في نهاية المطاف نجاح لنا جميعا..ثم أبديت له مزيدا من الإمتنان وجمعت أجهزتي وغادرنا القاعة ليلتحق بزملائه في مطعم الفندق وأنا إلى غرفتي بالطابق الثالث..كنت أحاول أن أتذكر اللحظة التي أعطيته أرقام الشيفرات..دون جدوى..قلت ربما تذكرت ذلك لاحقا وعلي الآن إنجاز الكثير من المهام المتعلقة بالتكليفات.. وقراءة المطويات.. ومتابعة التقارير الأولية قبل أن أخلد للنوم..كل ذلك كان يجول في نفسي وأنا أقطع المسافة الفاصلة بين المصعد وغرفتي ذات الرقم 15..
يتبع
0 التعليقات:
إرسال تعليق