إيقاعات سحابة   ..إيقاعات سحابة عابرة...   .. لهواة التذحيج : ـ هل سبق أن ذُحِّجَ بك من قبل؟ ـ نحن على استعداد تام للتذحيج بك وفق إمكانيات هائلة سُخّرت من أجل عملائنا الكرام، فقط اتصل على هواتفنا المبينة في هذا الإعلان واستمتع بتذحيجة العمر.   ....إيقاعات سحابة عابرة   ..نرحب بالكتابة لغة الياسمين ضيفة إيقاعات سحابة عابرة في اللقاء الذي سينشر قريبا بحول الله .   . إيقاعات سحابة عابرة...    ..   إيقاعات سحابة عابرة    ..   إيقاعات سحابة عابرة   .. ترحب بزوارها الكرام.. حللتم أهلا ونزلتم سهلا...  إيقاعات سحابة عابرة      إيقاعات سحابة عابرة    للتذحيج العصري إعلاناتنا . ــ هل سئمت أجدادك وترغب استبدالهم بكبسة زر ؟ نحن نستشعر معاناتك دوما .. فوضعنا خبرتنا في مجال التذحيج بين يدي عملائنا عبر القارات . اتصل بنا الآن لتحصل على خدمة إضافية . ...
Loading...

من جلسات تحضير الأرواح..!

(1)




لتحضير الأرواح متعة لا ينكرها إلا جاهل بحقائقها المدهشة .. وخاصة في عصر التطور الذي لم يعد بحاجة للوسيط الروحي كما جرت العادة فيما مضى، ليس هذا فحسب.. بل لقد أصبح متاحا للجميع عبر الخلطة العجيبة (magic) التي تصدر من مصانع اليابان أو كوريا.. مع تفاوت ملحوظ في الجودة لمن يلمس الفرق بين صناعة البلدين..فالخلطة الكورية بخمسة عشر ريالا، وتتناسب مع ذوي الدخل المتدني وهي التي توفرت بالنسبة لي منذ أيام ..وقمت ليلة الأمس بتجربتها وليتني لم أفعل..

كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا عندما هدأت الحركة في المنزل تماما وأصبح الوقت مواتيا للشروع في العملية وبحسب الخطوات المدونة في طريقة الاستعمال؛ كنت أسير بهدوء شديد واضعا علامة على كل خطوة يتم تنفيذها..ولم ألبث حتى تصاعد دخان أزرق ملأ الغرفة وحجب كل تفاصيلها بالكامل مع ما يشبه العاصفة ..فالتزمت الهدوء أو لعلي تصنعته، فهذه الطريقة لم أجربها من قبل، غير أن الصور المصاحبة للمنتج تشير إلى شيء كهذا الذي يحدث الآن تماما..فأخذت الغيمة الدخانيّة تنقشع رويدا رويدا , فيما كنت أحبس أنفاسي انتظارا للمفاجأة ..وها هي بالفعل قد حدثت..ليسفر المشهد عن رجل يجلس قبالتي يتأمل محيطه بشيء من الدهشة والاستغراب ..نظر ناحيتي أخيرا فابتدرته قائلا :
ـ حيّا الله صنّاجة العرب..
ـ سلمت وبقيت..
ـ كيف تجد المكان يا ابن ميمون؟
ـ لكأننا في فارس ..غير أن هذه القناديل لم يسبق أن رأيتها من قبل في قصورملوكهم..وأردف : لكن هل أنا في بلاط ملك؟!
ـ نعم أيها الشاعر إنك الآن في بلاطي ..
ـ معذرة سيدي الملك!! فلم أقبل الأرض بين يديك ..ولم ....
"قاطعته"..
ـ لا تثريب عليك أيها الشاعر..." ثم تناولت غصنا ومضغته.. فكان يتابعني مستغربا"..وقال:
ـ سيدي الملك الهمام..ماهذا العشب الذي تأكل؟
ـ نبات نأكله فيجلب لنا السرور والعلل..لا تعرفه بالتأكيد..
ـ لا بأس أيها الملك العظيم ..هل أخبرتني أي حي من العرب أنت كبشهم؟
فاستطلت وتمطى في داخلي سرور مابعده سرور وشع الزهو والخيلاء من نبرة صوتي بعدما سمعته ينعتني بالكبش ثم اعتدلت في جلستي وقلت:
ـ نصف العرب!!
نصف العرب إن كنت ترغب في معرفتي يا أبا بصير.. " ثم أشعلت سجارة مالبورو أبيض واستأنفت" ذلك من جهة السلطان ..غير أن العرب قاطبة قد توجوني ملكا عليهم في الشعر..وجميع أحياء العرب تدين لي به..فانتفض كالملدوغ وقال متسائلا:
ـ حتى بكربن وائل؟؟
ـ نعم ..نعم .. بما فيها قبيلتك ذائعة الصيت بكر بن وائل.."هنا تهلل وجهه بشرا وركز عكازه الطويل الى يمينه والتفت ناحيتي وكأنه ينوي استعادة ملك ضيعه قومه" ثم قال:
ـ أوشاعر أيضا..أيها الملك؟
"فهززت رأسي بالإيجاب مبتسما"
فأصلح من جلسته وقال:
ـ حسنا أيها الملك ..ألا ناديت بعض غلمانك أو جواريك وأمرت لنا بشيء من الصهباء المعتقة ؟ لتصح بها منادمتنا ويستطيب في حضرتها سماع الشعر من ملك الشعر ؟
" وما إن أتم عبارته هذه حتى امتقع لوني وارتج عليّ ليس لسوء ما ذكر ولكن من أين لي بصهباء معتقة ولا أعرف من يسافر فيها حولي والوقت متأخر..و..والله إنها البلشة بعينها" ثم قلت :
ـ فلا أحد يعلم بمجيئك إلى بلاطي..وخشيت إن ناديتهم أن ينتشر خبرك في القصر.. فيقبل الوزراء وقواد الجند والحاشية..ويتحول المكان إلى صالة بلاستيشن ولا أود التفريط في هذه الفرصة التي جمعتني بك على انفراد، ولم يبق منها غير ساعة فتتلاشى عائدا حيث كنت يا أبا بصير,, لهذه الأسباب أرجو أن تعذرني لعدم تلبية رغبتك !!
"ولم أكد أنهي عبارتي حتى بدى متململا من سماعه تبريراتي ..ولكنه فضل عدم مفاصلة الملك وهو يعرف جيدا كيف يتصرف بلباقة في مجالس الملوك"......... وقال:
ـ فهل أسمعتني مما قلته شيئا عله يذهب عن النفس مللها ويجلب المسرة والأنس؟ ..
ـ سأسمعك قصيدتي الشهيرة "دمعة فوق أطلال المبتع" ..لكن قبلها دعني أقدم لك قدحا من الشاي.." ثم نهضت وتناولت أبريقا ما زال يحوي شايا باردا ووضعته في صحن به كاسات فارغة وتقدمت اليه ووضعتها برفق أمامه وسكبت له فنجانا ثم ناولته أياه..وعدت الى مكاني" وفي هذه الأثناء كان يرقب تصرفي هذا بريبة وذهول كالمستفيق على نفخة الصور ..عندها بدأت أتوجس منه خيفة وقلت :
ـ اشرب يا صاحبي!! فهذا مشروب نزجي به الوقت، وقد نتناوله ساخنا في حالات متباعدة!!..
"كل هذا وما زال يرمقني بنظرة تكاد تطير لها النفس..ثم نظر الى كأس الشاي بيمينه وهز رأسه بتأفف ووضعها برفق إلى جوار الإبريق والتفت إليّ بعصبية وقال:
ـ اسمع !..أقسم لك بالله غير حانث بأنك لست ملكا، ولا خادم ملك، ولم تطأ قدمك بلاط ملك، فاصدقني القول من أنت أيها الصعلوك البائس؟؟ فقد رابني من أمرك أمور؟
ـ "أفا" آآآ "مهبو؟" "لمه؟".. "مذا فعلت؟" آآآ أقصد لماذا ؟ " كل ذلك بصوت متهدج ولسان يخلط بين الاستفهامات العامية والفصيحة وبدأت أفقد السيطرة في أول الأمر" وأردفت:
ـ إذا بغيت الصحيح..أأأ أقصد إن أردت الصدق ..فأنا في الحقيقة لست ملكا..أعني بالحجم الذي كنت تعتقده ..لكني شاعر وأديب لايشق لا غبار ..فهلا هدأت قليلا لأسمعك "دمعة فوق أطلال المبتع"؟ وحينها ستعرف مدى مصداقيتي..
" فأشار بيده نحوي وكأنه يأذن لي في الإنشاد".. فانطلقت :
ـ قف ها هنا واستمع نبضا لأوتاري ....على مقام شجي يطرب الساري..
"كنت أنشد بأداء مسرحي مغرق في المبالغة وأتابع وقع القصيدة على وجه أبي بصير، فما انتهيت إلى قولي :
أماه، يا أمهاتي، أربعون مضت ..........
حتى ثار في وجهي وانتهرني بصوت جهوري غليظ مليء صلافة وقسوة قائلا:
ـ أسكت! ثكلتك أمك وأمهاتك أجمع ..ماهذا ؟ لا أراني إلا قد بعثت وأنت هنا شيطان موكل بتعذيبي على هذا النحو.. ثم مد يده باتجاه العصا إلى يمينه فقلت له على الفور :
ـ لا والله يا أبا بصير..لم تقم الساعة إلى الآن ..وأرجو أن تمسك أعصابك وتدع عصاك فلستُ شيطانا ولا ملاكا ..فنظر إلي شزرا وقال:
ـ هذه قناتي أيها البائس وليست عصا كما تزعم .. "هنا أدركت أن الرجل قد أخذ مني موقفا وليس من السهل استعادته الى حيز الرضى
فقلت :
ـ يا أبا بصير على رسلك! سأنشدك ...فقاطعني في الحال قائلا:
ـ أياك أن تنشدني من رديئك الذي أسمعتني إياه ..هل أنذرتك؟؟
"هنا أسقط في يدي وبدأت أفكر في مخرج لهذا المأزق الذي لا أحسد عليه ..من أين لي بشعر يستحسنه.. ووالله لقد شعرت بحيرة شديدة فتذكرت شيئا ثم قلت:
ـ تأمل يا أبا بصير ..صحيح لستُ ملكا ..وقد لا أكون شاعرا بمقاييسك الدقيقة لكني لستُ وضيعا في قومي ولي مكانتي المرموقة بينهم، فلقد جعلوني مشرفا على شعرهم ونثرهم وربما حكموني في شيء منه فحكمت وعدلت وها هو ناديهم يزخر بكل فن من فنون النظم والنثر..سأقرأ لك منه شيئا حتى تصدق زعمي..وسأصحبك إلى قاعة ديوان العرب .. فخذ هذه القصيدة وعنوانها "وداع الحذاء" .. فصاح صيحة اشمئزاز انخلعت لها مهجتي وارتعدت لها فرائصي ..ونهض واقفا وتناول القسية وبدأ يهزها في يمينه وأنا قابع خلف اللابتوب أتضرع وأستغيث .. بل لقد توزّيتُ في أموات بكر بن وائل وقلت متوسلا:
ـ أنا في وزاء حليب أمك وعضامها في تربتها ..ألا هدأت حتى تسمع القصة بتمامها؟.. "فأشار بيده وهو يضع صعدته جانبا أن أكمل له الحكاية" عندها تنفست الصعداء وأنشأت :
ـ لتعلم يا أبا بصير بأن آلاف القصائد نظمت في ذلك الحذاء التاريخي وأصبح ديوان العرب يضم عنوانا جديدا في الفخر يعرف بـ "الحذائيات" إلى جانب....
"عندها اهتز كالخذروف وتناول كأسا فارغا وحذفني به فأبرته ورغت عنه ليحدث فرقعة اهتز لها المكان وارتد من الجدار نثارا متناهية الصغر، ثم هب باتجاهي كالإعصار مضمرا شرا مستطيرا.. فما أنقذني من براثنه سوى انتهاء مفعول الخلطة السحرية,,التي تخلصت من بقاياها في الحال على أن لا أعود لمثلها ما حييت.

هناك تعليق واحد:

  1. يالجمال هذه الخلطة السريه

    أخذتني الى عوالمها مخاوفها وضحكها


    خلطة سريه بالفعل ايها الأديب الملك

    ردحذف

:: مدونة إيقاعات سحابة عابرة، جميع الحقوق محفوظة 2010، تعريب وتطوير مكتبة خالدية::