اضاءة:(ليل فيفاء) نص بديع يزخر بالصور الفاتنة ..في نسق شعري محكم ..من إيقاع الكامل..مدخل:لقد اعتدنا من الشاعرة المبدعة (آهات) أن تحمل إلينا الدهشة في كافة نصوصها الاستثنائية..وهي تحلق بنا بعيدا ..تحملنا فوق أجنحة الشعر عبر كوكتيل من الأغراض المتباينة..التي تتراوح بين النص الإجتماعي والإنساني والوصفي والعاطفي ..تلك اغراض لا يقتحمها إلا شاعر متمكن كـ (آهات)...قوالبها تراوحت بين النص النثري ، والعمودي ، لتودع تجربتها الشعرية وتصبها بكل اقتدار وتمكن في هاتين البوتقتين وذلك أوسع براحا ، وأخذا بالجديد ومعطيات التجديد ، ولم تحصر نفسها في شكل محدد ..كالقصيدة العمودية مثلا.. كل ذلك يؤكد حقيقة نضوج التجربة الشعرية واكتمالها لدى الشاعرة ..وتخطيها مرحلة التجريب إلى مرحلة الإنتاج الحقيقي للمبدع الذي يتكئ على المعرفة التامة والاتقان لأصول الفن والابداع.. على المستوى المحلي أو النطاق الاضيق الذي تعرض فيه الشاعرة لوحاتها بين الحين والآخر واقصد به (منتديات فيفاء) ـ ..فلم أجدها قد حظيت بالإنصاف الذي تستحقه ،،وذلك في تناول نصوصها بالنقد والدراسة التي ستكشف بجلاء ووضوح عن الجمال الفني والحس الابداعي الشفاف والرؤية الفلسفية لدى هذه المبدعة المتميزة.. النقد وحده هو من سيلقي الضوء على تقنياتها المتفردة في بناء الصورة كما في (ليل فيفا) على سبيل المثال ..النموذج:هنا سأورد بيتا واحدا ، إنه مطلع هذه القصيدة المذهلة..ولن أتنال بقية القصيدة لعدم توفري على الوقت فعذرا من الشاعرة الأخت آهات..واعد بقراءة موسعة لهذه الخريدة في وقت لاحق..(أشعل البرق بهجة السمــــــار............وسرى بالشذى النسيم الساري) (ليل فيفاء)..أولا :الصياغة التشكيلية ..تبدأ البناء أو لنقل رسم اللوحة في مطلع القصيدة بالبيت اعلاه بـالجملة الفعلية ( أشعلَ البرقُ ) والبرق من صفاته الإشعال على الحقيقة ..لكنه هنا مقصود به المجاز ولا غيره ،فمفعوله (بهجةَ)، ومرادف (أشعل) : أذكى ، أجج ، بعث ، بهجة السمار ..وميض البرق في الليالي المشبعة بالمطر ، الليالي المغسولة بالودق عادة ما تكون أشد ظلاما فيكون للمعانه سحره ورونقه الذي يلتحم بالذاكرة ويستقر في الوجدان ..وهو المعروف في علم النفس بـ (الإشراط) ..ويتأكد الظرف الزمني في كلمة (السمار) ،و(سرى) ، واسم الفاعل (الساري)..والواو في (وسرى بالشذى النسيمُ الساري) حرف عطف استخدمته الشاعرة كـ (دبوس تثبيت) يضاف إلى اللقطة السابقة (اشعل البرق بهجة السمار)..فإذاً تتكون الصياغة للوحة كعناصر مستقلة من (وميض البرق)+ الليل +السمَّار +النسيم + حركة السير ليلا..خصائص العناصر1ـ الضوء والظل : الذي يظهر في الاشتعال ووميض البرق..سواء كان ذاتيا أو ناتج عن اكسابه للأشياء من حوله.والظل هو ماقد يتشكل بفعل الضوء ويمكننا القول ان عنصري الضوء والظل مكتملان متلازمان بالضرورة.2ـ اللون.. يمكن مشاهدته عندما يتأجج البرق في الليلة الظلماء..والعنصر اللوني هنا ذاتي سواء على الحقيقة أو المجاز..في (اشعل ).....و(البرق)..3ـ الحركة: كل العناصر هنا تغلب عليها الحركة ..ابتداءً من (اشعل البرق ) ..وسريان النسيم عقب هطول المطر ليلا ..وتعرف محليا ب ( السارية) وتجمع على (امسواري) وطباقها (امغوادي) 4ـ تأثير العناصر في بعضها: لجعل اللوحة أكثر تناغما فقد تولد الاحساس وانبعث التأثير من خلال عناصر محددة لتبعث حركة أو تخلق تأثيرا ماحسيا أو معنويا..فمثلا: ولدت بهجة السمار مع وميض البرق ..وتضوعَ الشذى بهبوب النسيم فسرى وعم المكان ..5ـ الزمان والمكان: ليلة ممطرة في جبال فيفاء ..لعلنا لو نقبنا سنجد الكثير من العناصر الأخرى المكونة لهذه اللوحة الساحرة ..الموسيقى :البيت عبارة عن مقطوعة موسيقة باهرة ،،سواءً ما كان منها ملموسا ظاهرا ، او خفيا داخليا،،فصوت حرف (الشين ) في (أشعل) و (بالشذى)مضعَّف..يوائم الحالة الشعورية والحسية للشاعرة وهي تستعيد صوت قطرات المطر اثناء ملامستها الارض بما فيها من الأشجار والنباتات ..وصوت المطر المنهمر لهو (اشششششششششششششششششششش) متواصل ودون انقطاع..وجاء حرف(الشين)في الشطر الثاني مضعفا (الشّذى) للتأكيد على امتداد الانهمار للمطر.حرف السين : في (السمار)و (سرى)و (النسيم) و( الساري) نصف الفاظ البيت ممهورة بصوت هذا الحرف الذي يعني الحركة الانسيابية السلسة ، للدلالة على الحالة التي افرزتها ليلة سارية مومضة متأججة تزرع الغبطة والبهجة في قلوب السمار... وكذلك للدلالة على حركة النسيم الخجولة الهادئة وملامسته الأشياء برقة وحنان (اسسسسسسسسسسسسسسس)..الشاعر المطبوع فقط هو الذي تلمس انفعاله العاطفي في لغته التي يبني منها ابداعه ..وآهات روح شاعرة حقيقية ومبدعة صادقة ذات صوت مختلف تماما..والله سيعجز من يأتي ليتصدى فقط لبيت الاستهلال ، ولن يفيه حقه فضلا عن القصيدة الكاملة..ختاما اعتذر من صاحبة النص تخصيصي هذا المقال عن بيت واحد من قصيدتها كما اشكر لها ما تتحفنا به في القسم الأدبي من مشاركات مميزة ..
0 التعليقات:
إرسال تعليق