رسالة كانت خاصة..!!

أدناه رسالة من القرن الماضي أطرحها هنا لغاية تجريبية بحتة

التصنيف : تاريخ / سيروتراجم / أدب الترسل/ رسائل..

ملاحظة : أرجو من المشرف نقلها الى القسم المختص بحسب التصنيف أعلاه إن وجد..

ـــــــــ النص ــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم ............حرر بتاريخ 17ــ6ـــ1394

(المكرم الأخ العزيز فرحان سليمان العبدلي الفيفي حفظه الله آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد

فإذا سألتم عنا وعن أحوالنا فلله الحمد ومزيد الشكر أحوالنا من كرم الملى تسركم غاية السرور ولا نسأل

إلا عنكم وعن أنوار وجوهكم الغالية جعلكم الله في سرور الدنيا ونعيم الآخرة ونحمد الله لأجل صحتكم

عدد من صلى وصام وتهجد وقام وحج بيت الله الحرام وطاف وسعى بين الصفا والمرة وصلى خلف

المقام مقام أبونا إبراهيم عليه أفضل الصلاة والسلام كما نخبركم أن خطكم وصل مع الأخ سالم فرحان

ومعه وداعة ميه وخمسين ريال وقريناه وعلى الراس رفعناه وفهمنا قصدكم وحمدنا الله على صحتكم وزين

أخباركم السارة ونبشركم إننا بخير وعلى خير والجماعة كلهم مبسوطين ولا عريض ولا مريض والديرة

منعومة ولله الحمد والأسعار طييبة وقد ذرى الناس وأصبح الزرع مخين نسأل الله عز وجل أن يباركه

ونخبرك إننا قد استمعنا إهدائك في الرادون قبل شهر من سوريا وفرحنا كثيرا ومن شأن ما سألتنا عنه

فهو تمام ونتوحاك تردع ويكون خير إن شاء الله فأنت لا تتشهدد ولا يكون خاطرك إلا طيب وفي الختام

بلغ سلامي خاصة نفسك ألف ألف مليون سلام كما ارجو أن تبلغ سلامي وتحياتي الأخوان لديكم مسعود

حسن وحسن مفرح وكافة الأخوان لديكم في سوريا والإردن بدون عدد وتخصيص ومن عندنا عمتك

والجميع يهدونك الف تحية وسلام كما يسلم عليك كاتب الخط ............ ألف مليون سلام

هذا والسلام ختام.. المعرف إليك أخوك

مسعود يحيى جابر العبدلي

حرربتاريخ 17/ 6/ 1394هـ)

وكتب على الغلاف هذه العبارة..

"يصل ويسلم بيد الأخ فرحان سليمان العبدلي الفيفي

المرسل إليك أخوك/ مسعود يحيى العبدلي

شكرا لحامله"

...............................................................

هذه الرسالة حررت قبل 36عاما وأرسلت لأحد الجنود المرابطين في الجبهة السورية ،ويرد فيها ذكر

الإهداء الذي استمعوا له من خلال الراديو ..وذكرفي الرسالة بـ (الرادون) حيث درجت الإذاعة السعودية

حينها أن تقدم برنامجا بعنوان (تحية وسلام ) يحمل اهداءات الجنود المرابطين في جبهات القتال

السورية والإردنية ..وكنا نستمع له بتلهف شديد رغم أنه لايوجد لنا قريب بينهم ..وهذه هي ديباجة

الإهداء ..(نصر من الله وفتح قريب..أنا الجندي فلان بن فلان من القوات السعودية المرابطة بسوريا،

أهدي سلامي وتحياتي الحارة إلى الوالد والوالدة وكافة الأهل والأصدقاء في بلاد........الخ الخ

وتأتي هذه الاطلالة عبر الأثير في وقت لم يكن الاتصال الهاتفي متاحا كما هو الآن..وليس هناك

فرصة أخرى للتواصل عدى الرسائل التي تودع مع الأفراد المغادرين، في غياب تام لخدمات البريد إلا

في حدود ضيقة جدا..

تحتوي الرسالة على العديد من العلامات التي تستحق الوقوف والتأمل ..لكني آثرت أن أترك للقارئ

فرصة التفاعل كيفما شاء ..ولي إلى الرسالة عودة مفصلة..

أولا : اللغة..

تحتوي الرسالة على العديد من المفردات الشائعة في البيئة اللغوية لجنوب الجزيرة العربية وخاصة جبل فيفا على غرار:

الفعل الماضي :ذَرَى ، أصلها فصيح : ذَرَأَ ، ولكنها هنا ممالة للكسر..قال تعالى: (هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه النشور) والذرء : الإنبات والبذر ..وفي الرسالة : "وقد ذرى الناس وأصبح الزرع مخين"

ووجب أن تكون منصوبة على الحال "مخينا" .

و........ مَخَنَ الزرع : نبات الذرة ، نزع منه أضعفه نموا ، عندما يصبح بارتفاع 40سم تقريبا..

نتوَحَّاك : ننتظرك ..نرقب عودتك..

تردع: أصلها ، ترجع ..أبدلت الجيم دالا وهو شائع في تلك اللهجة.

تتشَهْدَدْ: تقلق ..ووتوجس ..وترتاب.

ثانيا:الأداء اللهجي.

يتضح ذلك جليا في كثير من المفردات مثل: (مية) التي أزيل منها النبر وقد قيل العرب لا تنبر، و(طيِّيْبة) بدل (طِّيبة) في وصفه للأسعار، كما نجد الرسالة تنعت الراديو بـ (رادون) على وزن (فاعول) وهو ميزان صرفي فطري صحيح من أوزان الآلة ، جاء دون إقرار من مجمع لغوي . قلت: وقد جمعت عددا من التعريبات العجيبة لكثير من المستجدات الحديثة ،سمعتها من شيوخ وعجائز في تلك الجبال النائية ابتدعوها بالفطرة المحضة لما وجدوه أمامهم من مخرجات التقنية والآلات الحديثة ..