هذه قصة مأساوية تقطر ألما!! سمعتها بنفسي من مهند بن مقرود الريفي فآثرت نقلها بدقة وأمانة لما تضمنته من العبرة والطرافة معا..قال صاحبي وهو يبتسم : لقد عشت أتدثر الهزائم والخيبة عقودا طويلة..وعندما تاقت نفسي أن تظهر برداء المنتصر خسرت صديقي الدكتور علي الشميلي ..وتبدأ القصة في صبيحة يوم الخميس 22شعبان 1430هـ عندما انتقلنا إلى بيت (المتنة) بوادي (بداح)..
الذي يبدو للرائي قلعة منيفة.. وسبب انتقالنا المفاجئ أتى بطلب من مالكيها الذين تربطني بهم صلة مصاهرة بعيدة ولرغبتهم في حراستها بعد أن تفشى السطو على المنازل الخالية من السكان..حينها فكرت في استدعاء أصدقائي الرائعين الذين سبق أن أغرقوني بكرمهم ولطفهم ..وقلت في نفسي سأختار منهم أولئك الذين لم يسبق لهم زيارتي حتى أبدو أمامهم أكثر صلابة وتماسكا.. واخترت التوقيت أن يكون في شهر رمضان المبارك على مائدة الإفطار التي يكاد الناس يتساوون فيها الموسرين منهم والصالحين أمثالي خاصة وأن الجمعية الخيرية قد منحتنا من عطاياها الرمضانية ما يحسن به الحال ويقوم معه الأود..
وهنا توقف فجأة وتأوه بانفعال وتأثر، ثم استأنف بصوت خافت وكأنه يحدث نفسه:
لقد جاء علي الشميلي وفي معيته أنور السيد وعلي الأسير..ولم نلبث أن وصلوا بحفظ الله إلى تيماء عن طريق عثوان قبيل المغرب مباشرة ، حيث قدمت لهم وجبة افطار ينقصها الخبز ووالله لقد نهضوا ببطون خاوية على عروشها لكن الماء كان وفيرا ولله الحمد وقد شربوا حتى امتلأت بطونهم ودعوا لنا واجتهدوا في الدعاء..فقلت لهم هذا ـ فقط ـ ريثما يأتي العشاء، ثم خرجنا للصلاة ..وبعدها ..قلت في نفسي سأريهم وجها غير الذي رأوه ..ومقاما لم يألفوه فقمت أدور بهم على الدور والقلاع لأنسيهم ألم الجوع والفاقة التي اعترتهم في هذا المساء..وصعدت بهم إلى السطح المشرف على تلة صغيرة تدعى العر..عندها نظر إليّ الشميلي نظرة المغشي عليه من الموت متسائلا أكل هذا لك وفي ملكك؟
أجبت أي نعم ..ثم أطرق هنيهة ,,عندها تذكرت بأن ما يعلمه الشميلي عن حالتي الإقتصادية كفيل باستعبار العدو!! ولكنه الآن فوجئ بحالة مختلفة تماما..على الأقل (بشكل نظري لا تطبيقي)!!
لقد بذل الشميلي جهدا خارقا لتحسين حالتي المادية وأوشكت مساعيه أن تؤتي ثمارها وها هو يكتشف الآن حقيقة أخرى ستجعله يغير من خطته في القضاء على مشاق الحياة وعنتها من أمامي.
قاطعته قائلا: مالذي حملك على أن تكذب وتدعي ماليس لك؟
قال: يا أخي لم أكذب وإنما أتجمل!! هذا ليس كذبا وإنما كنت أرغب أن تصلح الأمور أكثر فكانت تقديراتي خاطئة كالمرات السابقة ..ثم أرجو أن لا تقاطعني حتى أكمل لك قصتي. قلت : تفضل!
قال: لقد استأذنوا فجأة ونهضوا للمغادرة فودعتهم على أمل العودة وتكرار الزيارة لكن صديقي الشميلي كأنه غادرني برؤية مغايرة ولم يعد يسأل عني أو يتعهدني كما كان يفعل بل سمعت ممن أثق به..أنه ألف كتابا أسماه (البخلاء للشميلي) على غرار (البخلاء للجاحظ) وجعل قصتي فاتحة كتابه ذاك على أنني رأس في البخل وإمام في التقتير ..وحجة في ثمثيل أدوار البؤساء..فإنا لله وإنا إليه راجعون!
إيقاعات سحابة |
زوارنا من كل مكان
Loading...
البخلاء للشميلي...!!
ــــــــــــــــــــــ
تابع إيقاعات سحابة:
إيقاعات سحابة المقالة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق